هديل مانع لـ"أطياف": المجتمع اليمني مشكلة لأي فنان، وزواجي المبكر كان عائقا أمام طموحاتي الفنية

انطلاقتي الأولى في عالم التمثيل كانت من الإذاعة المدرسية، التحقت بكلية الإعلام، لكنني لم أكمل تعليمي فيها لظروف شخصية، استمديت قوتي في عالم الفن من دعم عائلتي وأصدقائي الذين كانوا يشجعونني على الاستمرار، تعلمت من كل ممثل وممثلة قابلتهم، وكنت أحرص على التعلم من أخطائي، وللأسف المجتمع "اليمني" لا يتفهم دورك كفنان، ولا يستطيع الفصل بين الحياة الشخصية وبين العمل الفني، بهذه الجمل، عبرت الممثلة هديل مانع عن مسيرة حياتها الفنية، وبكل ثقة ووضوح تحدثت لنا في هذا الحوار المثير، عن جوانب هامة في حياتها الفنية والشخصية، فإلى تفاصيل الحوار:
في البداية يسرني أن أكون معكم في هذا اليوم الجميل، وأشكركم على هذه الدعوة الجميلة منكم واختياري لهذا الحوار في منصتكم المرموقة. بدأت مثل أي شخص كان لديه حلم وأصبح هذا الحلم جزء من الحقيقة، وجدت بداخلي شيئا ملموسا لتحقيقه، بداية المشوار لم تكن صدفة، ولم يكن مرتب لها أيضًا، بداياتي الأولى كانت من المكان الذي انطلق منه الكثير من الشباب والشابات، المسرح الإذاعي أو ما تسمى "الإذاعة المدرسية". عندما كان يحين دور فصلنا للقيام بالإذاعة المدرسية أو أي فعالية أخرى، كنت أهرع كالأطفال لأكون ضمن فقرة "المسرح"، أنهيت الثانوية، وتوجهت إلى كلية الإعلام، ومن هناك بدأ الشغف الحقيقي، شاركت في فعاليات ومسارح عديدة، لكنني لم أكمل تعليمي الجامعي للأسف لظروف شخصية.
في يوم من الأيام وأنا فوق المسرح في إحدى الفعاليات في صنعاء، شاهدني المخرج الكبير والأب الروحي الأستاذ "وليد العلفي" وبعد انتهاء المسرحية، أتى إلي وحدثني بكلمات لن أنساها ما حييت، وقال لي: "أحتاجك هذا الموسم معنا"، بصراحة، نزل علي هذا الخبر كالصاعقة من شدة الفرح وهول الصدمة في آن واحد. وبالفعل تم استدعائي بعد فترة قصيرة من قِبل الأستاذ "وليد" للمشاركة في أول عمل فني تلفزيوني بالنسبة لي، والذي كان في مسلسل "ربيع المخاء" بتجسيد دور وشخصية "مِسك"، والتي نالت استحسان الكثير من المشاهدين.
عندما بدأت مشواري، واجهت العديد من التحديات، بدءًا من الانتقادات التي تلقيتها في محاولاتي الأولى، وصولًا إلى اللحظات التي شعرت فيها بالإحباط، لكنني كنت أؤمن دائمًا بأن كل تجربة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، هي دروس قيمة، كنت أستمد قوتي من دعم عائلتي وأصدقائي الذين كانوا يشجعونني على الاستمرار. كما أنني لم أكتفِ بمجرد السعي وراء النجاح، بل كنت أبحث دائمًا عن التطور، درست فنون التمثيل، وشاركت في ورش عمل، وتعلمت من كل ممثل وممثلة قابلتهم، كنت أحرص على التعلم من أخطائي، وأعتبرها خطوات نحو النمو. وهنا يمكنني القول إن الإصرار هو ما جعلني أستمر، كانت هناك لحظات شعرت فيها أنني قد أستسلم، لكنني كنت أعود وأستجمع قواي، لأنني أدركت أن كل جهد يبذل يساهم في رسم مستقبلي، لذلك، سر نجاحي يكمن في الشغف، والدعم، والرغبة المستمرة في التعلم والنمو، كل هذه الأمور صنعت مني ما أنا عليه اليوم، وأشعر بالامتنان لكل لحظة من هذا المشوار.
كُثر هم الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا قدوة أو مصدر إلهام لأي فنان صاعد مثلي، لا أنكر أنني صادفت الكثير منهم في حياتي منذ الصغر، حتى قبل الصعود إلى عالم الفن والتمثيل، لكن تبقى هناك دوافع أخرى للنجاح، وملهمون للحياة بشكل عام سواءً في مجال الفن أو غيره، ألا وهم العائلة.. أمي وأبني " كرم" هم الملهمان الأساسيان بالنسبة لي.
انفصلنا عام 2017، بعد زواجنا بثلاث سنوات، وحينها كان عمر ابني "كرم" سنة تقريبًا، الانفصال جعلني أعيد ترتيب أشياء عديدة في حياتي، وجدت نفسي قريبة من أهدافي كثيرًا، ربما الزواج والارتباط المبكر كان سببا في وضع الستار بيني وبين أحلامي وطموحاتي، نعم هنالك فضل كبير يعود للإنفصال، بالنسبة لما يتعلق بحياتي الفنية.
بالنسبة لي، كل الأدوار التي جسدت شخصياتها، وقدمتها حتى اللحظة، هي نفسها" هديل مانع" في الواقع. عندما أدخل الى مكان التصوير ونبدأ العمل، لا أشعر اطلاقًا بأن ما أفعله يُعد تمثيلا، ربما كل الأدوار التي قمت بها كانت تعكس تجربتي الشخصية، وهذا الفضل يعود طبعًا إلى المخرجين والكُتاب، الذين يضعون الشخص المناسب في المكان المناسب.
بالفعل، تعلمت أشياء كثيرة، رغم أن الأدوار التي أديتها كما ذكرت سابقًا، كانت قريبة من شخصيتي وحياتي الشخصية. لكن هنالك أشياء تبقى كجرس إنذار، أو وجهًا للمقارنة في حياة أي فنان، هذه الصورة تتشكل نتيجة الفجوة التي تحدث بين الواقع والتمثيل، أحيانًا تجعلنا أقوياء وبعض الأحيان تلعب دورا كبيرًا في تحطيم المشاعر والتقليل من الذات الداخلية.
لا أعتقد أن لديك الوقت الكافي لسماع إجابتي عن هذا السؤال! "ضحكة" كثيرة هي العقبات التي يواجهها الفنانون في مشوارهم الفني، وأنا واجهت الكثير منها، لا يمكنني حاليًا التحدث عن عقبة أو مشكلة معينة بحد ذاتها، لكن سأتحدث عن أكثر الاشياء التي أعاقتني بالفعل.. "المجتمع". نعم، المجتمع "اليمني" أكبر عائق لأي شخص ناجح، وأتحدث بكل صراحة لأنني عانيت كثيرًا من هذا المجتمع الذي لا يتفهم دورك كفنان، ولا يستطيع الفصل بين الحياة الشخصية وبين العمل الفني. لا أريد التحدث كثيرًا بشأن هذا الأمر.
مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت من أجل الجميع، ليست محصورة على الفنانين أو المشاهير فقط، وأنا أعتبرها مساحة شخصية، بقدر ماهي حافز وعنصر مساهم في وجود وإظهار المواهب و المبدعين، ربما تُسهل على الفنانين والمشاهير التواصل مع الجمهور ومشاركتهم الأشياء البسيطة، وغالبًا ما يستغلها البعض في الترويج لأعمالهم الفنية وغيرها، وهذا أمر إيجابي وجيد للغاية.
الانتقاد شيء لابد منه في حياة أي فنان أو مشهور قدم نفسه للناس، وظهر أمامهم بإيجابياته وسلبياته، لكن المعضلة الكبرى للأسف، أن معظم الاشخاص في مجتمعنا لا يستطيعون التفريق بين النقد الموضوعي وبين التجريح أو التشويه والدخول في شخصك وعرضك، كل هذا يحدث بعيدًا كل البُعد عن كونك فنانا أو صاحب رسالة. بالطبع، الكلام الجارح يؤذي الروح، كما تؤذي الجروح الجسد، لكن في النهاية أنت كشخص وضعت أمامك أهدافا وتريد تحقيقها، يجب عليك ألا تلتفت لما يشتتك أو يعيقك عن تحقيق هذه الأهداف.
بالتأكيد، الحدود الشخصية يجب أن تكون حاضرة في حياة الشخص سواءً الواقعية أو الافتراضية، بالنسبة لي هنالك أشياء أُفضل عدم مشاركتها في الواقع الافتراضي، ولكل شخص حدوده التي يضعها حسب رغبته وتفكيره وقناعاته.
أتفاجأ كالجميع بهذه الأخبار والإشاعات التي لا أعلم مصدرها، حتى أن العام الماضي، تحديدًا بفترة تصوير مسلسل "دروب المرجلة"، بسبب ضغط العمل، أبتعدنا عن مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة، وفي يوم من الأيام، صحوت وهاتفي مليء بالرسائل والاتصالات الهائلة، من أناس قريبين مني، وعائلتي، يريدون الاطمئنان علي، بعد انتشار خبر موتي على مواقع التواصل، هذه الشائعات مزعجة كثيرًا بالنسبة لنا كفنانين.
بالنسبة للأعمال القادمة، مازال الوقت كافيا لذلك، ونحن بداية سنة جديدة، وموسم رمضان بعيدًا بعض الشي، "كل شيء في وقته حلو" كما يُقال.. عليكم الانتظار.
أنا ما زلت واحدة من الصاعدين، لا أعتقد أنني بصدد توجيه النصائح الآن، لكن أتمنى لهم مستقبلا مشرقا، وظروف مساعدة، الساحة الفنية ليست سهلة أبدًا، هي معركة، من يدخلها يجب أن يُحارب جيدًا لكي يبقى، التطوير هو الوقود الحقيقي لأي فنان، التعلم من الأخطاء في البداية وعدم الاكتراث للفشل، كل هذه الأشياء قادرة على صقل المواهب وتنميتها.
وحدة - حرية - استقلال
صمم الموقع بواسطة [حاتم]