في الحرب التجارية المستعرة بينهما: هل ستصمد الصين وتضعف أمريكا؟

في خضم تصاعد التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، يزداد القلق الدولي بشأن عواقب الحرب التجارية المستمرة بينهما، فبينما يعاني الاقتصاد الأمريكي من تداعيات سياسة عدم اليقين، يبدو أن الاقتصاد الصيني قادر على الصمود والتكيف مع هذه التحديات، ما يعكس تحولًا كبيرًا في موازين القوة الاقتصادية على الساحة العالمية، فكيف تؤثر هذه الحرب التجارية على النمو الاقتصادي العالمي؟ وهل ستكون الصين هي الرابح الأكبر في هذا الصراع؟
في وقت يتسارع فيه الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، تتزايد المخاوف العالمية من تأثيرات هذه التوترات على نمو الاقتصاد العالمي، ففي تقرير صدر عن صندوق النقد الدولي، حذر من أن السياسات التجارية الحمائية التي اتبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مثل فرض الرسوم الجمركية، قد تؤدي إلى تراجع كبير في نمو الاقتصاد العالمي، بما في ذلك تراجع ملحوظ في النمو الاقتصادي الأمريكي، حيث خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي هذا العام إلى 1.8% بدلاً من 2.8%، في حين توقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4% هذا العام.
تزداد المخاوف أيضًا مع استمرار الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية على الصين، ما قد يضر بمستوى التجارة بين البلدين ويؤدي إلى تصعيد التوترات الاقتصادية. ففي عام 2024، بلغت التجارة بين الولايات المتحدة والصين نحو 583 مليار دولار، فيما فرضت الولايات المتحدة على الصين رسومًا جمركية بنسبة 104%، وردت الصين بدورها بفرض رسوم بنسبة 84%. هذه السياسات التجارية قد تؤدي إلى تراجع كبير في حجم التجارة بين البلدين، مما يشعل فتيل الصراع التجاري.
وفيما يتعلق بتوقعات منظمة التجارة العالمية، فقد دقت ناقوس الخطر بشأن الآثار المحتملة لهذه السياسات على التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم، وقالت المديرة العامة للمنظمة، نوفوزي أوكونجو إيويلا، في تصريحاتها في أبريل الماضي، إن الحرب التجارية قد تقلص تجارة السلع بين البلدين بنسبة تصل إلى 80%. وأضافت أن أمريكا الشمالية قد تشهد انخفاضًا كبيرًا في صادراتها بنسبة تصل إلى 12.6% بسبب التصعيد المستمر في الرسوم الجمركية.
من جهة أخرى، أظهر استطلاع للرأي أجراه «Ap-NoRC» أن غالبية الأمريكيين يتوقعون ارتفاع الأسعار نتيجة لهذه التعريفات الجمركية، ويخشون من أن ذلك قد يؤدي إلى ركود اقتصادي في البلاد، فمثلاً من المتوقع أن يرتفع سعر الهاتف الذكي في السوق الأمريكي من 1000 دولار إلى 3500 دولار بسبب الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية.
ويبدو أن الاقتصاد الأمريكي هو المتضرر الأكبر من حرب الرسوم الجمركية الحالية، في وقت يواصل فيه الاقتصاد الصيني التكيف مع هذه التحديات، فقد أبدت الصين استعدادها لتنويع مصادر التوريد الخاصة بها، وتوسيع العلاقات التجارية مع دول أوروبية وآسيوية أخرى، ما يجعلها تخرج منتصرة من هذه الحرب إذا استمرت السياسات الحالية، أما الولايات المتحدة، التي تعتمد بشكل كبير على الواردات من الصين، فقد تواجه صعوبات اقتصادية أكبر في حال استمرت الحرب التجارية دون حل.
وإذا استمرت حالة عدم اليقين، فإن العالم قد يشهد تحولًا جديدًا في موازين القوة الاقتصادية العالمية، حيث قد تزداد قدرة الصين على استقطاب الاستثمارات وتعزيز علاقاتها التجارية مع أسواق جديدة، بينما قد تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف صعب يعكس ضعفًا في قوتها الاقتصادية والدولية.
وحدة - حرية - استقلال
صمم الموقع بواسطة [حاتم]