بعد رسوم ترامب الجمركية...هل ستحافظ اليمن على نكهة قهوتها في الأسواق العالمية

عنوان البروفايل
# عبدالرحمن الشماع

في تحوّل اقتصادي أثار عاصفة من الجدل عالميًا، أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية جديدة على وارداتها، في خطوة وصفها البعض بأنها "ذكية واستراتيجية" لتعزيز مصلحة الاقتصاد الأمريكي، بينما اعتبرها آخرون تهديدًا صريحًا للنظام التجاري العالمي. وبين مؤيد ومعارض، تقف صادرات الدول النامية، وفي مقدمتها اليمن، تحت وطأة قرار يهدد استقرار اقتصادها الهش، ويضرب في الصميم أبرز صادراتها: البن اليمني.


القرار الأمريكي الذي فرض رسومًا جمركية بنسبة 10% على الواردات اليمنية، لم يكن استثناءً ضمن سياسة تجارية باتت تميل نحو الانغلاق، بل جاء ليضاعف الضغوط على الشركات اليمنية المصدّرة ويقوّض قدرتها التنافسية في السوق الأمريكي. البن والعسل والسمن وحتى مياه شملان، باتت جميعها أمام تحديات حقيقية، أجبرت كثيرًا من المصدرين على التفكير جديًا في الانسحاب والبحث عن أسواق بديلة أقل كلفة وتعقيدًا.


رئيس اتحاد التجارة الخارجية الألمانية، ديرك باندورا، حذّر في تصريح صحفي من تبعات هذا التوجه قائلًا: "قرار ترامب سيكلف الأمريكيين ثمنًا باهظًا، فالرسوم الجمركية تؤثر دائمًا على طرفي المعادلة"، في إشارة إلى الأثر المرتدّ على المستهلك الأمريكي وعلى العلاقات التجارية الدولية.


ورغم تضرر العديد من الصادرات اليمنية، يبقى البن اليمني في مقدمة المتأثرين. هذا القطاع الذي شهد انتعاشًا لافتًا بين عامي 2017 و2022، حيث قفز حجم صادراته من 2,500 طن إلى 12,000 طن بقيمة قاربت 480 مليون دولار، كان يُعوّل عليه أن يصل إلى ملياري دولار بحلول 2027. غير أن الرسوم الجديدة تهدد هذا الطموح وتحرمه من تدفق عملات أجنبية تشتد الحاجة إليها في ظل اقتصاد هش.


تشير التقديرات لبرنامج تسجيل التجار في جمعية التجار الأمريكيين اليمنيين إلى أنه يوجد ثلاثون علامة تجارية مملوكة لتجار يمنيين ، يعملون في مجال القهوة وأشهر هذه العلامات ( حراز كوفي هاوس ، أروى للقهوة اليمنية ،الدار كافيه ، باب اليمن كافيه، بيت القهوة ) تملك حراز كوفي هاوس سبعة وعشرين فرعاً بإضافة إلى مئة وسبعة وستين فرعاً قيد الإنشاء، فيما تملك ( بيت القهوة) ستة وعشرين فرعاً متطلعة لأن تتوسع لتصبح بحلول عام 2027م أكثر من مئة فرع ، ينظر التجار والمستثمرين اليمنيين في مجال القهوة الى الإجراءات الأمريكية بخوف، متطلعين إلى أن تتراجع الولايات عن هذا القرار، كونه يهدد مشاريعهم الاستثمارية بالإفلاس والتقويض .


تقرير صادر عن وزارة الزراعة بعدن للعام 2024 أشار إلى أن الإنتاج المحلي من البن بلغ 41 ألف طن في 2023، بنسبة زيادة تجاوزت 140% عن العام الذي سبقه، مع توقعات ببلوغه 50 ألف طن في غضون عامين، ما يعكس أهمية هذا القطاع كرافعة اقتصادية مركزية.


وفي صنعاء، عبّرت الغرفة التجارية عن قلقها من تأثير القرار الأمريكي على المصدرين والمزارعين على حد سواء، حيث أكدت أن تراجع الصادرات سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار داخل السوق الأمريكية، الأمر الذي قد يقلل من إقبال الجاليات اليمنية على منتجات وطنية كانت تمثل صلة وصل بين المهجر والوطن. كما حذرت الغرفة من تعثر المشاريع الناشئة في مجال تصدير البن، ما قد يعطل جهودًا كانت تُبذل لتوسيع الحضور اليمني في الأسواق العالمية.


وفي تصريح خاص لـ"أطياف" دعا الصحفي الاقتصادي أحمد الطيار المصدّرين اليمنيين إلى التحرك العاجل نحو أسواق بديلة في الخليج والصين، والعمل على رفع جودة البن اليمني من خلال تطوير آليات الإنتاج والتعبئة، ما قد يمنحه فرصة تنافسية في ظل عالم تجاري متقلب.

كما أوصى بضرورة تعزيز الشراكات التجارية الدولية، ووجّه نداءً للحكومة اليمنية لتبني برامج داعمة لشركات التصدير والمزارعين، والعمل على هيكلة قطاع التصدير بما يتناسب مع التحديات الطارئة.


وفي ظل تعقيدات السياسة التجارية الأمريكية، يبدو أن الاقتصاد اليمني، الذي يعاني أصلاً من أزمات متراكمة، بات مهددًا بخسارة أحد أبرز مصادر دخله، فقرار الرسوم الجمركية لم يكن مجرد إجراء اقتصادي، بل جرس إنذار بضرورة إعادة رسم خريطة التصديرات اليمنية، والبحث عن بدائل أكثر استقرارًا. وبين هذه التحديات العالمية، يبرز السؤال: هل تتمكن اليمن من الحفاظ على نكهة قهوتها في الأسواق العالمية؟

الأكثر قراءة

مقالة 1 أفراح ناصر ...من الكتابة باسم مستعار إلى جوائز دولية بحرية الصحافة
مقالة 2 أيوب طارش..صوت القلب ونبض الوطن والأرض
مقالة 3 هديل مانع لـ"أطياف": المجتمع اليمني مشكلة لأي فنان وزواجي المبكر كان عائقا أمام طموحاتي الفنية
مقالة 3 الكابتن علي النونو لـ"أطياف" "وزير الرياضة ليس رياضيا"
مقالة 5 المتطوع الناشط...يحيى الحيمي

اشترك في نشرتنا البريدية

نسر يمني

الجمهورية اليمنية

وحدة - حرية - استقلال

صمم الموقع بواسطة [حاتم]